الجمعة، 22 أكتوبر 2010

الرعد

حامت تقارير المسخ ذات العيون المخفية , تبحث عن دم نزيه , ترتشفه في سمرها الوحشي و تطرب على صراخه الموجع من عذابات مخالبهم الشيطانية . تم إمضاء التقرير و ذيلت نهايته ...
- اقسم بالعقيدة , و أجزم أنه من عناصر حزب الدعوة العميل..هذا و دمتم...
تسارعت خطي الوجوه الممسوخه , تطوق بناية كلية الطب في بغداد .. و بكل هدوء.. انتشلوه من قاعته و قذفوه بسيارتهم , انطلقوا به إلى بناية أمن بغداد.. و هناك , بدت مراسيم وحشيتهم تطبق على جسمه الفتي بأعتى طقوس التعذيب.. لم يعترف , و لا اهتز قلبه .. لكنه صرخ و تألم و بكى..
- ما اسمك ؟
- رعد
- سنرى إن كنت رعداً
جاء عام و مضى آخر و هو يتنقل من زنزانة إلى أخرى حتى مغض الدهر أيامه , و أنبرم زمن تلاشت فيه الأشكال و الصور و نسي أشياء و أشياء و راح عن ذاكرته صوت الرعد و لمعان البرق .
الليل , كالح , أظلم , يخترق أجواءه القاتمه أنين المساجين , التقطت أذنيه همس الجلادين يتمتمون بلغلط خفي .. فك شفرة منه تقول (( امتلأت المواقف بجماعات الانتفاضية )) ((الكويت , غوغاء )) ..
- ماذا هناك يا ترى, هل سقط النظام , أم تصاعد طغيانه على أبناء الوطن .
كنت أحلم بالعفو , و قد تلاشى تماماً حلمي البعيد من جراء حيوانيتهم و قسوة تعاملهم , و امتللآ شعوري سواداً بلغط السجانين .
أختفى القمر تحت أجنحة الغيوم المدلهمة في جو رهيب أظلم يتعرشه الليل بإيناس جلاديه .. سحبوا رعد من زنزانته و رموه في سيارة غبراء تمتلئ برجال الانتفاضة .. و انطلقوا بهم إلى فناء خال من أفنية كربلاء بعيداً عن أنظار الخلق ..
كانت الوجوه الممسوخة و ألمشوهه قد حفرت نقره عريضه و عميقة تهيأت لاستقبال ضيوفها الأحياء لتطمرهم في رحلها النابع من عمق الأرض , قذفوا الجميع فيها.
و فتحوا عصابة عينا رعد ليرى الجحيم قبل دفنه , ركلوه وراح يتهاوى فوق أقرانه المساكين .
هطل المطر , يرسل وابله بهدوء فوق النقرة , غسل عيناه بماء المطر و أخذ يلحظ الأشياء بصعوبه , هم رجال النظام يدفعون التراب نحو الحفرة , لمع برق , فسطع بعينيه , ثم صعق الرعد فارتمى بين أقرانه المظلومين . تلمس أذناه بذهول لأنه نسي صوت الرعد منذ سنين .
( تمــــت )