الاثنين، 3 سبتمبر 2012

تحفة اللبيب ...... وبغية الكئيب ج 6

1- جرير ( توفي عام 733م ) :-
       هو جرير بن عطية بن الخطفي بن بدر بن سلمة , شاعر أموي ولد في اليمامة كنيته أبو حزرة, أمتاز بالهجاء لاسيما هجو خصميه الاخطل والفرزدق وقد كون معهما المثلث الاموي ، له ديوان يتضمن الفنون التقليدية من مدح وهجاء وفخر وغزل ورثاء .
      وفي هذه الابيات يرثي امرأته خالدة بنت سعد بن أوس وتكنى أم حزرة وقد شهرت هذه القصيدة وسارت في البلاد فعرفت باسمالجوساء . والقصيدة أثنان وسبعون بيتا" .....
لولا الحياء لعادني استعبار           ولزرت قبرك , والحبيب يزار
      وقال أيضا" ردا "على قصيدة راعي الابل والتي هجا جريرا" .                      فغض الطرف انك من نمير          فلا كعبا" بلغت ولا كلابا
اذا غضبت عليك بنو تميم            حسبت الناس كلهم غضابا
      ولجرير أبيات من الغزل الرقيق ....
ان العيون التي في طرفها حور         قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ,         وهن أضعف خلق الله أركانا
يا حبذا جبل الريان من جبل ,                وحبذا ساكن الريان من كانا
      وله هذه الابيات في مدح الحجاج بن يوسف .....
رأى الحجاج عافية ونصرا"              على رغم المنافق والحسود
دعا أهل العراق دعاء هود                 وقد ضلوا ضلالة أهل هود
      وله أيضا" هذه الابيات في مدح الحجاج ....
من سد مطلع النفاق عليهم              أم من يصول كصولة الحجاج
أم من يغار على النساء حفيظة         اذا لا يثقن بغيره الازواج
أن أبن يوسف فاعلموا وتيقنوا           ماض البصيرة واضح المنهاج
      وقال يهجو الفرزدق.....
ما كنت تنزل يا فرزدق منزلا"           الا تركت به لقومك عارا
      روى أبن سلام : أجتمع جرير والفرزدق والاخطل في مجلس عبد الملك بن مروان , وقال لهم ليقل كل منكم في مدح نفسه فأيكم غلب فله هذا الكيس , وكان به خمسمائة دينار , فقال الفرزدق ....
أنا القطران والشعراء جربي              وفي القطران للجربى شفاء
     وقال الاخطل ....
فان تك زق زاملة فاني               أنا الطاعون ليس له دواء
     وقال جرير وحصل على الكيس ....
أنا الموت الذي أتى عليكم                فليس لها رب منى نجاء

2-الكميت الاسدي ( توفي عام 744م ) :-
       هو الكميت بن زيد خنيس الاسدي , أبو المستهل , شاعر من أهل الكوفة , مدح بني هاشم وعرف بشاعر الهاشميين , له ديوان أسمه الهاشميات , أشتهر في العصر الاموي فأكثر الكميت من هجاء يوسف بن عمر الثقفي , أستفز الكميت يوسف فثار الحرس وقتلوه خبطا" بالسيوف . وهو متعصبا" للمضرية على القحطانية . وهو من الفقهاء والخطباء والشعراء , عالما" بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها . وللكميت ( هاشمية ) مشهورة طويلة تبلغ مائة وأربعين بيتا" منها :-
طربت وما شوقا" الى البيض أطرب        ولا لعبا" مني وذو الشوق يلعب **
ولم يلهني دار ولا رسم منزل               ولم يتطربني بنان مخضب
بني هاشم رهط النبي فإنني                بهم ولهم أرضى مرارا" وأغضب
بأي كتاب أم بأية سنة                       ترى حبهم عارا" علي وتحسب
فطائفة قد كفرتني بحبكم                    وطائفة قالوا مسيء ومذنب
    ** القصائد الخالدات في حب أهل البيت , النجف /1989,تأليف محمد عباس الدراجي .
3-يزيد بنالطثرية( توفي عام 744م ) :-
       هو يزيد بن سلمة بن سمره , أبن الطثرية , من بني قشير بن كعب , من عامر بن صعصعة : شاعر مطبوع من شعراء بني أمية , كنيته ( أبو المكشوح ) ونسبته الى أمه من بني ( طثر ) من عنز بن وائل . كان حسن الشعر,حلو الحديث , شريفا, صاحب غزل وفصاحة, متلافا للمال. قتله بني حنيفة،في موقعة له معهم يوم الفلج من نواحي اليمامة.
رأت قمر السماء فذكرني            ليالي قد مضت بالرقمتين
كلانا ناظر قمراً ولكن              رأيت بعينها ورأت بعيني

4-الوليد بن يزيد ( توفي عام 744م) :-        هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان ، أبو عباس , كانت حياته مضطربة قلقة , انتهت نهاية مؤلمة , فقد قتل وعمره ثمان وثلاثون سنة , بعد أن قضي في الخلافة سنة وثلاثة أشهر . ورث عن أبيه حبه للشرب والغناء , ومال منذ حداثة سنه الى اللهو والصيد وركوب الخيل . له شعر رقيق ...
خبروني أنّ سلمى                 خرجت يوم المصلى **
فاذا طير مليح                       فوق غصن يتفلى
قلت من يعرف سلمى              قال ها ثمّ تعلى
قلت ياطيرآدن مني               قال ها ثمّ تدلى
قلت هل أبصرت سلمى            قال ها ثم ّ تولى
   ** ديوان الوليد بن يزيد , صفحة 59 .
5-رابعة العدوية( وفاتها عام 752م) :هي رابعة بنت اسماعيل العدوية ، أم الخير مولاة آل عتيك من أهل البصرة لها أخبار في العبادة والنسك , توفيت بالقدس, ولها شعر ومنه هذه الابيات ..
أحبك حبين : حب للهوى           وحبا" لأنك أهل لذاكا**
فأما الذي هو حب الهوى             فشغلي عمن سواكا
وأما الذي أنت أهل له               فكشفك للحجب حتى أراكا
فلا الحمد في ذا وذاك لي ,           ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
       وهنا تستغرق رابعة العدوية في حب الذات الالهية , وقد عاشت في القرن الثاني للهجرة وأنها ولدت في أسرة فقيرة وانحرفت في تيار اللهو والمجون , ثم ما لبثت أن أفاقت ، فاختارت لحياتها الحرمان والشظف لتطهير نفسها من شوائب الحياة المادية , وتعتبر رابعة العدوية من النساء القلائل اللواتي عاقرن اللذة الحرام ثم حدن عنها نحو طريق الهداية والتشبث بسبيل الحب الالهي والعشق الرباني حد التعلق والاستشهاد .
المرأة في أدب العصر العباسي , الدكتورة واجده مجيد عبد الله ,صفحة 429.
6-رؤبة بن العجاج ( توفي عام 762م) :هو رؤبة بن عبد الله العجاج التميمي , ( أبو محمد) , وعاش معظم أيامه في البادية . وهو شاعر رجاز أخذ عنه أهل اللغة واحتجوا بشعره من مخضرمي الدولتين الاموية والعباسية .وفي هذه الابيات يمدح مسلمة بن عبد الملك :-
ومنك أرجو فوق ما منيت               عسى أرى يقظان ما اريت**
في النوم رؤيا اننيّ سقيت                سقيت ماء المزن أو سقيت
أو صاحب السهم وما رميت              مسلم لا انساك ما حييت
عهدك والعهد الذي رضيت               لو أشرب السلوان ما سليت
ما بي غنى" عنك وأن غنيت              لو أننى صممت أو عميت
    وله هذه الابيات أيضا" ....
وآها" لسلمى ثمّ واها" واها"              هي المنى لو أننا نلناها
ياليت عيناها لنا وفاها                     بثمن نرضي به أباها
انّ أباها وأبا أبيها                         قد بلغا في المجد غايتاها



  ** مجموع أشعار العرب , ديوان رؤبة بن العجاج , صفحة 25 .
7-سعيد الدارمي ( توفي عام 772م) :-
        هو سعيد الدارمي التميمي من بني سؤيد بن زيد ، شاعر مقل ومغن , قليل الشهرة . شعره الواصل الينا سهل عذب فيه مرح وشيء من الهزل , وفنونه المدح والغزل والزهد . تقوم شهرته على أبيات من الشعر قالهما وغناهما ـ وهي أن تاجرا" من أهل الكوفة قدم المدينة بخمر فباعها كلها وبقيت السود منها فلم تنفق , وكان التاجر صديقا" للدارمي فشكا اليه أمره , وكان الدارمي نسك وترك الغناء وقول الشعر , فقال له لا تهتم بذلك فانّي سأنفقها لك حتى تبيعها , ثم قال :-
فل للمليحة في الخمار الاسود            ماذا فعلت بزاهد متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه                حتى خطرت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه               لا تقتليه بحق دين محمد
8-المنصور (775م ) :-
        هو عبد الله بن محمد بن علي بن العباس , أبو جعفر , المنصور , ثاني خلفاء بني العباس , وولي الخلافة بعد أخيه السفاح سنة 136 هجرية , وهوباني مدينة بغداد عام 145 هجرية , وهو والد الخلفاء العباسيين جميعا" . وأول من عني بالعلوم من ملوك العرب , وكان عارفا" بالفقه والادب , محبا" للعلماء . توفي في أرض مكة محرما" بالحج ومدة خلافته (22) عاما" .
اذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة           فاءن فساد الرأي أن تترددا
9-صالح عبد القدوس ( توفي عام 777م ) :-
       هو صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس الازدي الجذامي : شاعر حكيم , كان متكلما" يعظ الناس في البصرة . وشعره كله أمثال وحكم وآداب , أتهم عند المهدي العباسي بالزندقة فقتله ببغداد :
على الدنيا السلام فما لشيخ            ضرير العين في الدنيا نصيب
يموت المرء وهو يعد حيا"            ويخلف ظنه الامل الكذوب
يمنيني الطبيب شفاء عيني             وما غير الاله لها طبيب
    وقال أيضا" ......
المرء يجمع والزمان يفرق            ويظلّ يرقع والخطوب تمزق
   ويقول في مكان آخر .....
 أنست بوحدتي ولزمت بيتي           فتم العزّ لي ونما السرور
وأدبني الزمان فليت أني              هجرت فلا أزار ولا أزور
ولست بقائل ما دمت حيا"             أسار الجند أم نزل الامير
    وقال .....
صرمت حبالك بعد وصلك زينب         والدهر فيه تصرّم وتقلب
وأحذر معاشرة النيْ فإنها                  تعدي كما يعدي الصحيح الاجرب
يلقاك يحلف أنه بك واثق                   واذا توارى عنك فهو العقرب
ان الحقود وان تقادم عهده                  فالحقد باق في الصدر مغيب                ان القلوب اذا تناثر ودّها                   شبه الزجاجة كسرها لا يشعب
وجميع ما حصلته وجمعته                 حقا" يقينا" بعد موتك ينهب
    وهذه الابيات التي ذكرناه من القصائد الحكيمة التي تحضّ على حسن السلوك والتأدب بالداب السامية . ويقال بأن القصيدة تعود الى الامام علي ( رض ) وتسمى بالزينبية والارجح أنها لصالح بن عبد القدوس .
10-    حماد عجرد ( توفي عام 778م ) :-
       هو أبو عمرو حماد بن عمر بن يونس بن كليب . أصله ومنشأه في الكوفة , ثم أنتقل الى واسط في العراق ,وهو شاعر مجيدا" , عذب الشعر ظريفا" . وكانت أغراض شعره المدح والهجاء والرثاء والوصف . وله وصف بارع للطبيعة وغزل وهجاؤه مؤلم , قتل غيلة بالأهواز .
اني لأهوى جوهرا"                 ويحب قلبي قلبها
وأحب من حبيّ لها                   من ودها وأحبها
وأحب جارية لها                     تخفي وتكتم ذنبها
وأحب جيرانا" لها                   وابن الخبيثة ربها
    قالها حماد في جوهر وهي جارية أبي عون الذي كان يزوره اذا قدم بغداد , مصرحا" بحبه لها وتهالكه عليها ....
    وفي الابيات التي سنذكرها , يقول في غلام أسمه أبو بشر , كان يتعشقه حماد , ويلام في عشقه له مصرحا" أنه ملأ عليه حياته , وسيطر على قلبه , فهو داؤه ودواؤه !
أخي انّ دائي ليس عندي دواؤه               ولكن دوائي عند أبي بشر
دوائي عند من لو رأيته                        بقلب عينيه لا قصرت عن زجري
فأقسم لو أصبحت في لوعة الهوى            لأقصرت عن لومي وأطنبت في عذري
11-    مطيع بن اياس ( توفي عام 783م )  :-
       هو مطيع بن اياس الكناني , أبو سلمى , شاعر من مخضرمي الدولتين الاموية والعباسية , كان ظريفا" , مليح النادرة , ماجنا" , متهما" بالزندقة . مولده ومنشأه بالكوفة . مدح الوليد بن يزيد ونادمه , في العصر الاموي , وأنقطع في الدولة العباسية الى جعفر بن المصور . وكان صديقا" لحماد عجرد . وتوفي بالبصرة .
وكان يحب جارية أسمها جوهر من جواري امرأة تسمى بربر , فقال هذه الابيات.
وخافي الله يا بربر            لقد أفتنت ذا العسكر
اذا ما أقبلت جوهر          يفوح المسك والعنبر
لها ثغر حكى الدّر           وعينا رشا أحور
     وكان مطيع مصابا" بالشذوذ الجنسي , ويدعو دعوة صريحة قبيحة الى أقتراف الفواحش والموبقات بلا حياء ....
نعم لنا نبيذ                    وعندنا حماد
وكلنا من طرب              يطير أو يكاد
ولهونا لذيذ                   لم يلهه العباد
ان تشته فسادا"              فعندنا فساد
أو تشته غلاما"              فعندنا زياد
ما ان به التواء               عنّا ولا بعاد
12-    بشار بن برد ( توفي عام 784م ) :-
      هو بشار بن برد العقيلي : شاعر هجاء من الكبار , أصله فارس من طخاستان , عاش بالبصرة , اكثر من التشبيب بالنساء , وهجا المهدي العباسي , فسخط عليه ، فسخط عليه, وراه مرة سكران يؤذن فرماه بالزندقة وضرب سبعين سوطا "حتى مات. كان أعمى غليظ المنظر . أدرك الدولتين الاموية والعباسية ودفن في البصرة .  
أعمى يقود بصيرا" لا أبا" لكم               قد ضّل من كانت العميان تهديه
     وله ايضا" في الوصف والحكمة :-
اذا كنت في كل الأمور معاتبا"              صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه**
    وله أيضا"....
حوراء ان نظرت اليك                سقتك بالعينين خمرا
    وله أيضا" ...
والنفس راغبة اذا رغبتها            واذا ترد الى قليل تقنع
    وهو القائل أيضا" ...
لقد ذهب الحمار بأمّ عمرو          فلا رجعت ولا رجع الحمار                      وفي الابيات التي سأذكره , أستمنح العباس بن محمد بن علي فلم يمنح شيئا" فقال يهجوه ...
ظلّ اليسار على العباس ممدود             وقلبه أبدا" بالبخل معقود***
ان الكريم ليخفي عنك عسرته              حتى تراه غنّيا" وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل                   زرق العيون عليها أوجه سود
  ** تاريخ الادب العربي , الجزء الثاني , صفحة 94 .
  *** قول على قول , الجزء 6 , صفحة 121 .
13-    الحسين بن مطير ( توفي عام 785م ) :-
       هو الحسين بن مطير بن مكمل الاسدي . وهو شاعر من مخضرمي الدولتين الاموية والعباسية , فصيح مقدم في الرجز والقصيد , ومن المكثرين المجيدين , وهو بارع في المدح والفخر والوصف والغزل والنسيب . وفي هذه الابيات التي سنذكره , يرثي فيها معن بن زائدة , ومعن هذا هو أمير العراق , وهو من أجواد العرب وأحد شجعانها الفصحاء , أدرك العصرين الاموي والعباسي , وتوفي عام 768 م .
ألمّا على معن وقولا لقبره                     سقتك الغوادي مربعا" ثم مربعا"
فيا قبر معن , أنت أول حفرة                 من الأرض خطت للسماحة مضجعا
ويا قبر معن , كيف واريت جوده,           وقد كان منه البرّ والبحر مترعا
ولمّا مضى معن مضى الجود فانقضى,      وأصبح عرنين المكارم أجدعا     وبمناسبة ذكر معن بن زائده وكرمه وشجاعته , نورد هذين البيتين , لأعرابي دخل على معن وهو أمير العراق , وقد سمع عن كرمه الشيء الكثير , مع ملاحظة تواضع الامير, ونجري مقارن بما يجري الان !!!!!!!
أتذكر اذ لحافك جلد شاة                  واذ نعلاك من جلد البعير
فسبحان الذي أعطاك ملكا"               وعلمك الجلوس على السرير
   وله أيضا  " ...
له يوم بؤس فيه للناس أبوس              ويوم نعيم فيه للناس أنعم
فيمطر يوم الجود من كفه الندى           ويمطر يوم اليأس من كفه الدم
ولو أن يوم الجود خلى يمينه               على الناس لم يصبح على الارض معدم
وله في مكارم الأخلاق أبيات رائعة ...
أحب مكارم الأخلاق جهدي                 وأكره أن أعيب وأن أعاب
وأصفح عن سباب الناس حلما"             وشّر الناس من يهوى السبابا
ومن هاب الرّجال تهيبوه                    ومن حقر الرجال فلن يهابا
14-    الفراهيدي ( توفي عام 786م) :-
       هو الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الازدي , اليحمدي , أبو عبد الرحمن : من أئمة اللغة والادب وواضع علم العروض . ولد ومات في البصرة , عاش فقيرا" صابرا" , كان شعث الرأس و شاحب اللون , متمزق الثياب , له كتاب  ( العين ) في اللغة . فدخل المسجد يعمل فكرة , فصدمته سارية وهو غافل . فكانت سبب موته . والفراهيدي نسبة الى بطن من الازد . بعث الفراهيدي الى سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي صفره , وكان والي فارس والاهواز وله راتب يقبضه , فبعث سليمان الى الفراهيدي يطلب اليه الحضور , فكتب الخليل اليه ...
أبلغ سليمان أني عنه في سعة              وفي غنى" غير أني لست ذا مال
والفقر في النفس لا في المال نعرفه             ومثل ذاك الغني في النفس لا المال
      فلما قرأ سليمان الابيات قطع عنه الراتب فكتب الخليل : -
ان الذي شق فمي ضامن             للرزق حتى يتوفاني
حرمتني مالا" قليلا" فما             زادك في مالك حرماني
      وكان له ولد متخلف , فدخل على أبيه يوما" فوجده يقطع بيتا" من الشعر بأوزان العروض , فخرج أبنه الى الناس يقول انّ ابي قد جنّ , فدخلوا عليه وأخبروه بما قال أبنه : فقال يخاطبه ....
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني          أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني              وعلمت أنك جاهل فعذرتكا
15-    مروان بن أبي حفصه ( توفي عام 798م) :-
       هو مروان بن أبي حفصه , وهو شاعر مكثر من الشعراء المجيدين والفحول التقدمين , وشعره كله جيد , وقصر مروان شعره على المديح والرثاء , كان لا يمدح الا الخلفاء والوزراء . أتخذه الرشيد شاعر البلاط وللمواقف السياسية ولمرافقته في الغزوات . اغتيل مروان , قيل لأنه تعرض للعلويين بشيء من الهجاء .
مضى لسبيله معن وأبقى               مكارم لن تبيد ولن تنالا"
       وقال ايضا" ....
ولما وقفنا للوداع ودمعها                       ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا
بكت لؤلؤا" رطبا" ففاضت مدامعي           عقيقا" فصارا الكلّ في جيدها عقدا
16-    البهلول ( توفي عام 806م ) :-
       هو البهلول بن عمرو الصيرفي , أبو وهيب , وهو من عقلاء المجانين , له أخبار ونوادر وشعر , ولد ونشأ في الكوفة .
ولما تلاقينا على سفح رامة                 وجدت بنان العامرية أحمرا
فقلت خضبت الكف بعد فراقنا              فقالت معاذ الله ذلك ما جرى
ولكنني لما رأيتك راحلا"                   بكيت دما" حتى بللت به الثرى
مسحت بأطراف البنان مدامعي              فصار خضابا" بالأكف كما ترى
17-    العباس بن الاحنف ( توفي عام 808م ) :-
        هو العباس بن الاحنف بن الاسود الحنفي اليماني , أبو الفضل العباس , من بني حنيفة , سكن بغداد الى أن توفي . قصر شعره على التغني بحبه , فلم يمدح بل كان شعره غزلا" . وهو شاعر رقيق , أصله من اليمامة ( في نجد ) . وكان أهله في البصرة ونشأ هو ببغداد وتوفي بها . قال عنه الجاحظ ( ... لا يهجو ولايمدح ولا يتكسب ... وما نعلم شاعرا" لزم فنا" واحدا" لزومه )).
أحب فتاة أسمها ( فوز) وطال هجرها له فقال هذه القصيدة التي تعبر عن شدة شوقه والم الفراق من قلب عفيف ولسان نظيف ....
أيا (فوز) لو ابصرتني ما عرفتني            لطول شجوني بعدكم وشحوبي
واني لأستهدي الرياح سلامكم                اذا أقبلت من نحوكم بهبوب
وأسالها حمل السلام اليكم                      فان هي يوما" بلغت فأجيبي
     والعباس بن الاحنف من مدرسة قيس بن الملّوح , وقيس لبنى , وغيرهم من الشعراء العذريين اللذين لهم في شعرهم عفاف ورقة وأدب ....                     حتى أن الدكتورة عاتكة الخزرجي اتخذته رمزا" شعريا" في قصائدها الكثيرة .
ياعبد حبي لك مستور                        وكل حب غيره زور*
ان كان هجري سركم فاهجروا              اني بما سرك مسرور                         وله أيضا" ....                                                                                  وقد كنت أبكيكم بيثرب مرةّ                  وكانت منى نفسي من الارض يثرب
فان ساءكم ما بي من الضرّ فارحموا         وان سركم هذا العذاب فعذبوا
فأصبحت مما كان بيني وبينكم              أحدث عنكم من لقيت فيعجب
وقد قال لي ناس تحمل دلالها               فكلّ صديق سوف يرضى ويغضب
     وقال ...
أستغفر الله الا من محبتكم                   فأنها حسناتي يوم ألقاه
فأن زعمت بأن الحب معصية              فالحب أحسن ما يعص به الله
    وقال ...
قلبي الى ما حرني داعي                   يكثر اسقامي واوجاعي
كيف احتراسي من عدوي اذا              كان عدوي بين أضلاعي
     وقال أيضا" .....
يغدو الفقير وكل شيء ضدّه              والارض تغلق دونه أبوابها
وتراه ممقوتا" وليس بمذنب               ويرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب اذا رأت ذا بزة              أصغت اليه وحركت أذنابها
      * قول عل قول , ج1 , ص 178 .
18-    صريع الغواني ( 813م ) :-
       هو مسلم بن الوليد , صريع الغواني , كان مولده في الكوفة وفيها نشأ : ومسلم شاعر مقدم من شعراء الدولة العباسية ، حسن النمط سليم والشعر متين السبك صحيح المعاني قليل التكلفّ في القول . قال مدحا" ورثاء" وهجاء" وغزلا" ونسيبا" , وكان من الشعراء المجددين في الاسلوب الشعري , فاستخدم لأول مرة أسلوب الثنائيات القصار .
بكاء وكأس كيف يتفقان؟               سبيلاهما في القلب فختلفان*
دعاني وافراط البكاء فإنني            أرى اليوم فيه غير مت تريان
     وهذه الابيات في رثاء زوجته , وقد جزع عليها جزعا" شديدا" لموتها و وتنسك مدة طويلة .
     * المرأة في الادب العصر العباسي , د . واجده مجيد عبد الله الاطرقجي , ص 129 .
19-    أبو نؤاس ( توفي عام 814م ) :-
       هو الحسن بن هانيْ , أبو نؤاس . من كبار شعراء العصر العباسي لقب بشاعر الخمر , قربه الرشيد , وجعله الامين شاعره واتصل بالبرامكة , ولد في الاهواز ونشأ بالبصرة , عاقر الخمر , وأسرف في اللهو تم تاب في أخر أيامه . لطفولة أبو نؤاس القاسية وظروفه في بواكير أيامه , التعبة , هي التي جعلت نفسه نافرة من المألوف , تأخذ المعول لتحفر في التربة العذراء غير المزروعة , مما قادته تلك النفس الكئيبة الحبيسة في أغوار اليتم والفاقة , الى طرق درب الخمريات وعليه يعتبر من أوائل المجددين في الشعر العربي, وهو شاعر مكثر تصرف في معظم فنون الشعر من مديح وهجاء ورثاء وعتاب وغزل مؤنث ومذكر , يميل                                       الى الالفاظ الفصيحة والتركيب السهل الواضح . حيث قال أشعارا" لم يقل أحد مثلها، ثم هي أحسن شعره .
دع عنك لومي فان اللوم اغراء,                  وداوني بالتي هي الداء
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها                   لو مسها حجر مسته سراء !
لتلك أبكي ولا أبكي لمنزلة                         كانت تحل بها هند وأسماء
     ومن غريب شعره قوله :-
دع الحرص على الدنيا                  وفي العيش فلا تطمع
ولا تجمع لك المال                       فما تدري لمن تجمع
ولا تدري أفي أرضك , أم               في غيرها تصرع
     ويقول في الزهد .....
فقل لقريب الدار انك راحل                الى منزل نائي المحلّ سحيق
وما الناس الا هالك وأبن هالك             وذو نسب في الهالكين عريق
اذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت               له عن عدو في ثياب صديق
      وله هذه الابيات الرقية ....
وخود أقبلت في القصر سكرى              ولكن زين السكر الوقار
وهزّ المشي أردافا" ثقالا"                    وغصنا" فيه رمان صغار
وقد سقط الردا عن منكبيها               ومن التجمبش وانحل الا زار
فقلت : الوعد سيدتي فقالت :             كلام الليل يمحوه النهار
20-    الشافعي ( توفي عام 820م) :-
       هو محمد بن ادريس بن عباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف , أبو عبد الله : ولد يوم وفاة أبي حنيفة النعمان , ففقال الناس مات امام وولد امام .كان الشافعي اسمى الناس , ويختم القرآن في شهر رمضان ستين مرة . وهو أحد الائمة الأربعة عند أهل السنة : اليه نسبة الشافعية كافة , ولد في غزة بفلسطين , وحمل منها الى مكة وهو ابن سنتين . وزار بغداد مرتين وقصد مصر سنة 199 هجرية , وتوفى بها وقبره معروف في القاهرة.  قال المبرد : كان الشافي أشعر الناس وأدبهم وأعرفهم بالفقه والقرأات . كان ذكيا" مفرطا" , له تصانيف كثيرة أشهرها كتاب ( الأم ) في الفقه ,وهو سبع مجلدات . يقال في النقد الأدبي المعاصر : أطول باعا" من الشعراء في الاعتداد بنفسه , المتنبي , واحلى قصيدة لنفس الشعراء , ( قفا نبك ....)  , وأروع قصيدة في الوصف والرصف لابن الرومي , أما أحسن قصيدة في الوعظ , وأكثرها جزالة واختصارا" في المعنى هي قصيدة الامام الشافعي رحمه الله .
دع الايام تفعل ما تشاء                     وطب نفسا" اذا حكم القضاء *
ولا تجزع لحادثة الليالي                    فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا" على الاهوال جلدا"           وشيمتك السماحة والوفاء
تستر بالسخاء فكل عيب                    يغطيه كما قيل السخاء
ولا حزن يدوم ولا سرور                  ولا بؤس عليك ولا رخاء
ومن نزلت بساحته المنايا                   فلا أرض تقيه ولا سماء
   وله أيضا" هذه الابيات ...
ان الفقيه هو الفقيه بفعله                      ليس الفقيه بنطقه ومقاله
وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقه              ليس الرئيس بقومه ورجاله
وكذا الغنيّ هو الغنيّ بحاله                  ليس الغنيّ بملكه وبماله
      ولم يترك الامام الشافعي خصلة من الانسانية الا قال بها شعرا" , فهو الذي يقول .....
وما أكثر الاخوان حين تعدهم               ولكنهم في النائبات قليل                     * ديوان الامام الشافعي , تأليف محمد عفيف الزعبي ,صفحه 10  .
21-    علية بنت المهدي ( توفيت عام 825م ) :-
       هي علية بنت المهدي بن المنصور من بني العباس , أخت الرشيد , وهي شاعرة وراجزة مكثرة وصاحبة صنعة في الغناء . وقد كانت مع ذلك دينة عفيفة . وكان شعرها حسنا" وأكثره النسيب , ولها مديح وهجاء بارع وتكثر في شعرها الكناية والتعمية : كانت تكني عن أسماء الرجال الذين تتغزل بهم بأسماء النساء , وكان الرشيد يبالغ في اكرامها , وتزوجها موسى بن عيسى العباسي , مولدها ووفاتها في بغداد ....
أضحى الفؤاد بزينبا                       صبّا" كئيبا" متعبا
فجعلت زينب سترة                       وكتمت أمرا" معجبا
   ولها أيضا" ....
يا عاذلي قد كنت قبلك عاذلا"            حتى ابتليت فصرت صبّا" ذاهلا
الحب أول ما يكون مجانة                فاذا تحكم صار شغلا" شاغلا
22-    العكوك ( توفي عام 828م ) :-
       هو أبو الحسن عليّ بن جبلة بن عبد الله الانباري المعروف بالعكوك , ولد في بغداد وقضى العكوك معظم حياته في العراق يمدح أبو دلف العجلي وأبا غانم حميد بن عبد الحميد الطوسي والوزير الحسن بن سهيل . وهو شاعر مجيد , وهو من فحول الشعراء , فصيح الألفاظ لطيف المعاني متين التركيب وسهولة وصناعة بارعة. قال العكوك يمدح أبا دلف القاسم بن عيسى العجلي بقصيدة جيدة مشهورة , منها هذه الابيات ....
انما الدنيا أبو دلف            بين باديه ومحتضر
فاذا ولىّ أبو دلف            ولت الدنيا على أثره !
     على أن في مكتبة المجمع العلمي العربي السوري في دمشق مجموعا" فيه        ( اليتيمة ) منسوبة اليه ....
فالوجه مثل الصبح مبيض ,            والشعر مثل الليل مسود
ضدّان لمّا استجمعا حسنا ,             والضدّ يظهر حسنه الضدّ !                                                    وله هذان البيتان من الشعر .....
انما الدنيا حميد                       وأياديه الجسام
فاذا ولى حميد                         فعلى الدنيا السلام
23-    سهل بن هارون ( توفي عام 830م ) :-
       هو سهل بن هارون بن راهبون , أبو عمرو الرستميساني: كاتب بليغ , حكيم , من واضعي القصص , فارسي الاصل ، اشتهر في البصرة , واتصل بخدمة هارون الرشيد . له كتاب ( ثعله وعفره ) على نسق كليلة ودمنة ,ألفه للمأمون , وكتاب         ( الاخوان) .
خلّ اذا جئته يوما" لتسأله               أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا
يخفي صنائعه والله يظهر               ان الجميل ولو أخفيته ظهرا
24-    أبو جعفر الباهلي ( توفي عام 830م ) :-
       هو محمد بن حازم بن عمرو الباهلي : شاعر كثير الهجاء , لم يمدح من الخلفاء غير المأمون العباسي . ولد ونشأ في البصرة وسكن بغداد ومات فيها.
   وهو صاحب البيتين المشهورين :-
لئن كنت محتاجا" الى الحلم انني               الى الجهل في بعض الاحايين أحوج
ولي فرس للحلم , بالحلم ملجم                  ولي فرس بالجهل للجهل مسرج
25-    المأمون ( توفي عام 833م ) :-
        هو عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور ,أبو العباس , سابع الخلفاء من بني العباس في العراق , وأحد أعاظم الملوك , في سيرته وعلمه وسعة ملكه . فتمم ما بدأ به جده المنصور من ترجمة كتب العلم والفلسفة . وأتحف ملوك الروم بالهدايا سائلا" أن يصلوه بما لديهم من كتب الفلاسفة , فبثوا اليه بعدد كبير من كتب أفلاطون وأرسطوطاليس وجالينوس وغيرهم , فاختار لها مهرة التراجمة , فترجمت , وأطلق حرية الكلام للباحثين وأهل الجدل والفلاسفة , وكان فصيحا" مفوها" , واسع العلم محبا" للعفو . توفي في ( بذ ندون ) ودفن في    طرطوس .
ان أخاك الحقّ من يسعى معك                ومن يضرّ نفسه لينفعك
ومن اذا صرف زمان صدعك                  بدّد شمل نفسه ليجمعك
     ويعبر المأمون عما في نفسه لجارية ...
لها في لحظات حتف                        تميت بها وتحيي من تريد
فان غضبت رأيت الناس قتلى             وأن ضحكت فأرواح تعيد
وتسبي العالمين بمقلتيها                    كأن العالمين لها عبيد 
26-    العتبي ( توفي عام 842م ) :-
       هو محمد بن عبيد الله عمرو , أبو عبد الرحمن الاموي ، من بني عتبة بن أبي سفيان , أديب , كثير الاخبار , حسن الشعر ,من أهل البصرة ,ووفاته فيها , له تصانيف منها ( أشعار النساء اللاتي أحببن ثم أبغضن ) و(الاخلاق )
  لا تظلمن ذا ماكنت مقتدرا"                فالظلم مصدره يفضي الى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه                  يدعو عليك وعين الله لم تنم
27-    أبو تمام ( توفي عام 845م) :-
       هو حبيب بن أوس بن حارث الطائي , أبو تمام : شاعر عباسي نشأ في دمشق وتوفي في الموصل , مدح الخلفاء ولاسيما المعتصم , أمتاز بخياله الواسع , أهم أثاره ( الحماسة) ضمنها درر الشعر العربي حتى عصره . كان اسم طويلا" , فصيحا" , يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من اراجيز العرب , فنونها الشعرية البارعة , الرثاء ثم المديح وله حكم كثيرة منثورة في ثنايا القصائد , ولأبي تمام وصف وعتاب وهجاء من قلائد أبي تمام في الأدب ( الحكمة ) :-
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى              ما الحب الاّ للحبيب الأول !
كم منزل في الارض يألفه الفتى               وحنينه أبدا" لأول منزل
    وقال أيضا" في فتح عمرية ....
بيض الصفائح لاسود الصحائف في              متونهنّ جلاء الشك والرّيب
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به                     نظم من الشعر أو نثر من الخطب
فتح تفتح أبواب السماء له                         وتبرز الارض في أثوابها القشب
حتى كأن جلابيب الدجى رغبت                  عن لونها وكأن الشمس لم تغب
     وقال أيضا" في رثاء محمد بن حميد الطائي , وهو قائد عربي عباسي قاتل بابك الخرمي ,فسقط في ميدان القتال سنة 214 هجريه , ونصبت المأتم في كل مكان ..
فتى مات بين الضّرب والطعن ميتة              تقوم مقام النصر ان فاته النصر
وما مات حتى مات مضرب سيفه                من الضرب واعتلت عليه القنا السمر
فأثبت في مستنقع الموت رجله                   وقال لها: من تحت أخمصك الحشر
    وهو القائل .....
السيف أصدق أنباء" من الكتب                  في حّده الحدّ بين الجد واللعب
28-    ديك الجن ( توفي عام 849م ) :-
      هو عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب الكلبي : شاعر سوري من أهل حمص ,رثى الامام الحسين , وعرف بمجونه ,من شعراء العصر العباسي , سمي بديك الجن لان عينيه كانت خضراوين ويقال لأنه رثى ديكا" . وفنونه المدح والرثاء والهجاء والخمريات والغزل مؤنث ومذكرا" . له هذه الابيات في رثاء زوجته وبيان لوعته وحسرته على وفاتها ، مشبها" فعلته هذه أي قتلها بصياد الطيور يذبحها ثم يبكي عليها .
يا طلعة طلع الحمام عليه ,                 وجنى لها زهر الردى بيديها*
اعملت سيفي في مجال وشاحها             ومدامعي تجري على خديها
رويت من دمها الثرى , ولطالما            روّى الهوى شفتيّ من شفتيها              
فوحقّ نعليها, وما وطيء الثرى             شيء اعز عليّ من نعليها
ما كان قتليها لأني لم أكن                   أخشى اذا سقط الغبار عليها                    وهو القائل لهذه الابيات من الشعر والتي أستطاع ان يغير عجر البيت الى ما سنراه الان :-
قولي لطيفك ينثني                  عن مضجعي وقت المنام
كي أستريح وينطفي                 نار تأجج في العظام
أما أنا فكما علمت                   فهل لوصلك من دوام
ترجى ملاحظة كيفية التغيير !!!
قولي لطيفك ينثني                   عن مضجعي وقت الوسن
كي أستريح وينطفي                  نار تأجج في البدن
أما أنا فكما علمت                    فهل لوصلك من ثمن
وكذلك ......
قولي لطيفك ينثني                    عن مضجعي وقت الرقاد
كي أستريح وينطفي                  نار تأجج في الفؤاد
أما أنا فكما علمت                     فهل لوصلك من سداد
 وكذلك ......
قولي لطيفك ينثني                      عن مضجعي وقت الهجوع
كي أستريح وينطفي                    نار تأجج في الضلوع
أما أنا فكما علمت                      فهل لوصلك من رجوع
          * الاغاني , الجزء 14 , صفحه 57 .
29-    أبو العتاهية ( توفي عام 858م ) :-
      هو محمد بن أسماعيل بن القاسم , أبو عبد الله ,شاعر عراقي , نشأ في الكوفة وسكن بغداد وتوفي فيها , في شعره أبداع وفصاحة , وهو من المكثرين وكذلك يتميز شعره بظاهرة السجع المتلاحق . قال أبو العتاهية في معظم فنون الشعر , ولكنه برع في الغزل وفي الزهد والحكمة .
بكيت على الشباب بدمع عيني              فلم يغن البكاء ولا النحيب
عريت من الشباب وكان غضا"            كما يعرى من الورق القضيب
الا ليت الشباب يعود يوما"                 فأخبره بما فعل المشيب
    وقال يشكو فيها أهل زمانه وتعديهم على حقوقه ...
لقد طال يا دنيا اليك ركوني                 وطال لزومي ضلّتي وفنوني
وطال اخائي فيك قوما" أراهم              وكلّهم مستأثر بك دوني
فيا رب ان الناس لا ينصفونني             فكيف ولو أنصفتهم ظلموني
وان كان لي شيء تصدوا لأخذوه          وان جئت أبغي شيئهم منعوني
وان نالهم بذلي فلا شكر عندهم             وان أنا لم أبذل لهم شتموني
     وقال ...
مالنا لا نتفكر                     أين كسرى أين قيصر
أين من قد جمع المال            مع المال فأكثر
قد رأيت الدهر يفني             معشرا" من بعد معشر
ليس يبقى ذو يسار              لا ولا من كان معسر
30-    دعبل الخزاعي ( توفي عام 860م ) :-
       هو دعبل بن علي بن رزين  الخزاعي , أبو علي , كوفي الاصل , سكن بغداد وأتصل بالرشيد, هجا العباسيين , كان يتشيع للعلويين , له كتاب الشعراء . توفي ببلدة تدعى الطيب شرق العمارة , فكان دعبل كشاعر متقدما" مطبوعا" مجيدا" بديع المعاني متين التركيب له مديح وغزل جيدان ومدائحه في آل البيت من أحسن شعره . يقول دعبل ( لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي , أدور من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك ) . وهذه الابيات في آل الرسول (ص) , وهي خمسة واربعين بيتا".
مدارس آيات خلت من تلاوة               ومنزل وحي" مقفر العرصات
قفا نسأل الدار التي خف اهلها             متى عهدها بالصوم والصلوات ؟
بنات زياد في القصور مصونة,           وآل رسول الله في الفلوات
    وقال دعبل ينقض قصيدة الكميت بن زيد ( الدامغة ) والتي احدثت رجة:-
افيقي من ملامك ياضعينا                  كفاك اللوم مرّ الاربعينا
اذا لم تتعظ بالشيب نفسي                  فما تغني عظات الواعظينا
لقد علمت نزار أن قومي                  الى نصر النبوة سابقينا
31-    علي بن الجهم ( توفي عام 863م ) :-
       هو علي بن بدر, أبو الحسن, من بني سامة , من لؤي بن غالب , شاعر بغدادي , رقيق الشعر , أديب , وكان معاصرا" لابي تمام .. وخص بالمتوكل العباسي . ثم غضب عليه المتوكل , فنفاه الى خراسان , فأقام مدة وأنتقل الى حلب ثم خرج منها بجماعة يريد الغزو ,فاعترضه فرسان من بني كلب , فقاتلهم وجرح ومات من جراحه , وشعره جزل الألفاظ صحيح السبك مع سهولة في التركيب ووضوح في المعنى , أما فنون شعره فهي الغزل والفخر والحكمة والهجاء .
قالوا حبست فقلت ليس بضائري              حبسي وأي مهند لا يغمد*
والشمس لولا أنها محجوبة                    من ناظريك لما أضاء الفرقد
كم من عليل قد تخطاه الردى                 فنجا ومات طبيبه والعوّد
صبرا" فان اليوم يعقبه غد                   ويد الخلافة لا تطاولها يد
     وله قصيدة مشهورة ,مطلعها في الغزل ومدح فيها المتوكل.....
عيون المها بين الرصافة والجسر           جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن              بلوت , ولكن زدن جمرا" على جمر
سلمى وأسلمن القلوب كأنما                  تشكّ بأطراف المثقفة السمر
فقلن لنا نحن الاهلة انّما                       نضيء لمن يسري الينا ولا نقري
    * قول على قول , الجزء 1 , صفحة 98 .
32-    أبو العيناء ( توفي عام 869م ) :-
       هو محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر الهاشمي , أديب فصيح من ظرفاء العالم , ومن أسرع الناس جوابا" , أشتهر بنوادره ولطائفه , وكان ذكيا" جدا" . أصله من اليمامة ومولده بالأهواز ومنشأه ووفاته في البصرة , كف بصره بعد بلوغه أربعين سنة من عمره , وفنونه الشعرية الحكمة والفخر والهجاء ..
       قال في المال .........
من كان يملك درهمين تعلمت               شفتاه أنواع الكلام فقالا                   وتقدم الاخوان فاستمعوا له ,                ورأيته بين الورى مختالا
لولا دراهمه التي يزهو بها                  لرأيته في الناس أسوء حالا
انّ الغنيّ اذا تحدث كاذبا"                    قالوا : صدقت وما نطقت محالا
أما الفقير اذا تكلم صادقا"                    قالوا : كذبت وأبطلوا ما قالا
انّ الدراهم في المواطن كلها                تكسو الرجال مهابة وجلالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحة               وهي السّلاح لمن أراد قتالا
    وهو القائل .....
ولاخير في حسن الجسوم وطولها            اذا لم يزن طول الجسوم عقول
ولم أر كالمعروف , أما مذاقه                 فحلو وأما وجهه فجميل
33-    أبن الرومي ( توفي عام 896م ) :-
       هو علي بن العباس بن جرجيس ابن الرومي , شاعر بغدادي من أعظم شعراء العصر العباسي , ولد ونشأ في بغداد من أب رومي وأم فارسية , أثر تراثه اليوناني والفارسي في عبقريته فجاء بشعر غريب الاسلوب والفن عن أهل زمانه , كان ضيق الاخلاق , متشائما" متطيرا" ملحا" في السؤال ,خبيث اللسان . مات مسموما"  أما فنون شعره وأغراضه فهي كثيرة فله المديح والعتاب وفخر وهجاء وتهديد وحكمة وغزل ورثاء ونسيب , وقد أجاد وصف الطبيعة .
ألا قل للذي  لم                        يهده الله الى نفعي
لساني فيك محتاج              ا      لي التخليع والقطع
لئن أخطأت في وضعي               فما أخطأت في منعي
لقد أنزلت حاجاتي                    بواد غير ذي زرع
  وله هذه الابيات في رثاء أبنه وسميت واسطة العقد ......
توخى حمام الموت أوسط صبيتي             فللّه كيف اختار واسطة العقد
طواه الردى عني فأضحى مزاره              بعيدا" على قرب قريبا" على بعد
لقد قل بين المهد واللحد لبثه                    فلم ينس عهد المهد اذ ضم في اللحد
عجبت لقلبي كيف لم ينفطر له                  ولو أنه أقسى من الحجر الصلد
وما سرني أن بعته بثوابه                      ولو أنه التخليد في جنة الخلد
34-    أبن شرشير الناشئ( توفي عام 906م ) :-
       هو عبد الله الناشئ الاكبر , أبو العباس , المعروف بابن شرشير : شاعر مجيد من أهل بغداد أصله من الانبار , توفي بمصر , كان متبحرا" في عدة علوم منه المنطق وعلم الكلام . له أشعار في الخمر والغزل وله قصيدة في فنون العلم تبلغ أربعة آلاف بيت على روي واحد .
فديتك انهم لو أنصفوك               لردوا النواظر عن ناظريك
تردين أعيننا عن سواك              وهل تنظر العين الا اليك
وهم جعلوك رقيبا" علينا             فمن ذا يكون رقيبا" عليك
35-    أبن المعتز ( توفي عام 908 م ) :-
       هو عبد الله بن المعتز , أبو العباس ,تولى الخلافة يوما" وليلة , مات خنقا" . له ديوان جمعه أبو بكر الصولي . كان عبد الله أديبا" شاعرا" وناقدا" يجيد فني النظم والنثر , وأسع الثقافة وشعره سهل التركيب جميل الديباجة فصيح الألفاظ , أما فنونه فهي الادب والفخر والمدح والرثاء والهجاء والوصف والزهد , وهو يكثر من وصف الخمر والجواهر .
     قال في الحسود ........
اصبر على كيد الحسود              فانّ صبرك قاتله
كالنار تأكل بعضها                   ان لم تجد ما تأكله

36-    أبن دريد ( توفي عام 933م ):-
       هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الازدي من أزد عمان , ولد في البصرة ونشأ فيها . أبن دريد من علماء اللغة البارعين ومن النقاد والشعراء , أخذ العلم عنه جماعة من المشاهير . وتكثر في شعره الحكمة , وفنون شعره هي المدح والهجاء والرثاء والغزل والوصف , وقد أشتهر أبن دريد بقصيدته المقصورة والمعروفة بمقصورة أبن دريد وتبلغ مائتين وسته وأربعين بيتا" مدح بني ميكال وطواها على حكم كثيرة . وفي هذه المقصورة وصف للابل وللمطر وفيها غزل وفخر كثير , فمنها...
والناس ألف منهم كواحد ,                   وواحد كالألف ان أمر عني
وانما المرء حديث بعده                       فكن حديثا" حسنا" لمن وعى
واللوم للحر مقيم رادع ,                     والعبد لا يردعه الا العصا
والدهر يكبو بالفتى , وتارة                   ينهضه من عثرة اذا كبا
  لا تعجبن من هالك كيف هوى ,    بل فاعجبن من سالم كيف نجا 
37-    الخبز أرزي ( توفي عام 939م )) :-
       هو أبو القاسم نصر بن أحمد بن نصر بن المأمون الخبز أرزي , كان يخبز خبز الارز في دكان له في مربد البصرة . وكان شاعرنا رقيق الشعر سهل التراكيب مع شيء من اللين والضعف , ويكاد يكون شعره مقصورا" على الغزل .
رأيت الهلال ووجه الحبيب ,             فكانا هلالين عند النظر
فلم أدر من حيرتي فيهما                 هلال السما من هلال البشر
    وقال في الشوق والحنين هذه الابيات :-
بقلبي جمر من هواه فان أكن             شكوت فهذا الوجد من ذلك الجمر
    وله أيضا" ....
فلو كان قلبان عشت بواحد               وأفردت قلبا" من هواك يعذب
ولي الف وجه قد عرفت مكانه           ولكن بلا قلب الى أين أذهب
   وقال شاعر أخر في المضمون نفسه ......
قال الطبيب لاهلي حين أبصرني               هذا فتاكم وحق الله مسحور
فقلت ويحك قد قاربت في صفتي               وجه الصواب فهلا قلت مهجور
فقال مالي بعلم الغيب معرفة                    فقلت أن دليل الحب مشهور
فيض الجموع وأنفاس مصعدة            وضربة في الحشا والقلب مأسور
38-    الصنوبري ( توفي عام 945م ) :-هو أبو بكر محمد بن أحمد الصنوبري . ولد بأنطاكية وعمل خازنا" في مكتبة سيف الدولة . ألا أنه كان محبا" للتجول ومحبا" للطبيعة , أستلهمها في شعره , ويتغنى بجمالاتها . وأشهر شعره ( روضياته ) فصور الطبيعة في نشاطها وحركتها . في شعره سهولة وعذوبة ,وأكثر أشعاره في وصف الرياض والانوار والازهار , وله وصف في دمشق ولعل من أرق الرثاء وأصدقه رثائه لابنته ليلى :-
ادور على جوانب قبر ليلى                 وابكي حوله بدم فضيض *
أراعي قبرها حدبا عليه                     مراعاة الممرض للمريض
ويترك مضجعي اخرى الليالي             قضيضا ذكر مضجعها القضيض



    * المرأة في أدب العصر العباسي ,الدكتورة واجده عبد الله الاطرقجي ,صفحه43. 
39-    المعري ( توفي عام 956م ) :-
40-    المتنبي (توفي عام 965م ) :-
       هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي, الشاعر الحكيم, واحد مفاخر الادب العربي , ولد بالكوفة في محلة تسمى ( كنده ) واليها نسبته , ونشأ بالشام , وقال الشعر صبيا" , وتنبأ في بادية السماوة فتبعه كثيرون , ولكن حبسه أمير حمص فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه , وفد على سيف الدولة أبن حمدان ( صاحب حلب ) فمدحه وحظي عنده , فمدح كافورا" الاخشيدي وطلب منه أن يوليه , فلم يوليه كافور , فغضب أبو الطيب وأنصرف يهجوه , وزار فارس ومدح فيها ابن العميد, ورحل الى شيراز فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي , وعاد يريد بغداد فالكوفة ، فعرض له فاتك بن أبي جهل الاسدي في الطريق بجماعة من أصحابه ,فقتل أبو الطيب وأبنه وغلامه , بالنعمانية وهي احدى اقضية محافظة واسط – العراق ....
      ويقول المتنبي في رثاء والدة سيف الدولة الحمداني :-
ولو كان النساء كمن فقدنا                    لفضلّت النساء على الرجال *
وما التأنيث لاسم الشمس عيب               ولا التذكير فخر للهلال
     وقال أيضا" يمدح سيف الدولة ويعاتبه ...
أنا الذي نظر الاعمى الى أدبي          وأسمعت كلماتي من به صمم **
اذا رأيت نيوب الليث بارزة                   فلا تظننّ أنّ الليث يبتسم
الخيل والليل والبيداء تعرفني                  والسيف والرمح والقرطاس والقلم
     وله أيضا" .......
اذا غامرت في شرف مروم                   فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير                     كطعم الموت في أمر عظيم
     وله هذه الابيات المشهورة ....
الخيل تعرف في الوغى خيالها                  والارض تندب في الهموم رجالها
والسيف لا يحلو بكف" راجف                   أن زلزلت يوم الردى زلزالها
فيك استعانت في المخاض عزيزة               وبك العزيزة فاخرت أجيالها
وبك أستفاق الفجر وأنتشر الضحى               وبك اشرأبت راية نفدى لها
     وله أيضا" في هجاء كافور :-
عيد بأية حال عدت ياعيد                        بما مضى أم بأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم                         فليت دونك بيدا" دونها بيد
    أن شعر المتنبي كله جميل واضح  ولهذا أكثرت من ذكر أشعاره ولكن اختمها بهذه الابيات العذبة والتي يمدح فيه المتنبي سيف الدول ويهنئه بعيد الاضحى سنة 342 هجريه وأنشده أياها في ميدانه بحلب وهما على فرسيهما ........
هنيئا" لك العيد الذي أنت عيده                 وعيد لمن سمّى وضحّى وعيّدا
فذا اليوم في الايام مثلك في الورى             كما كنت فيهم أوحدا" كان أوحد
ومن يجعل الضّرغام بازا" لصيده        تصيّده الضّرغام فيما تصيدّا ***
اذا أنت أكرمت الكريم ملكته                   وان أنت أكرمت اللئيم تمردا
   * شرح ديوان المتنبي , الجزء / 3 , صفحه 144 .
   **  قول على قول , ج 4 , صفحة 32 , ط /2 , 1978م .
   *** يقول المتنبي من أتخذ الاسد بازا" يصيد به أتى عليه الاسد (الضّرغام) فصاده ..
41-    أبو الفرج الاصفهاني ( توفي عام 967م ) :-
       هو علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله بن مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الاموي , ولد بأصبهان في خلافة المعتضد بالله , نشأ ببغداد واستوطن بها ودرس على نخبة من العلماء وأصحاب الادب والحديث واللغة والفقه , وكان أبو الفرج من الشعراء المجيدين ، وهذه الابيات في رثاء ديكه ، حيث كان يؤثره على دواجنه , وهومن أجود ما قيل في مراثي الحيوانات .
خطبّ طوقت به أمرّ طروق                    فظ الحلول عليّ غير شفيق
فكأنما نوب الزمان محيطة                      بي راصدات لي بكل طريق
أبكي اذا أبصرت ربعك موحشا"               بتحّنن وتأسّف وشهيق
ويزيدني جزعا" لفقدك صادح                 في منزل دان اليّ لصيق
42-    أبو علي القالي ( توفي عام 967م  :-
       هو اسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سلمان , أحفظ أهل زمانه للغة والشعر والادب , تعلم في بغداد , ثم رحل الى المغرب سنة 328 هجريه , ومات بقرطبة . اشهر تصانيفه كتاب ( النوادر) ويسمى ( آمالي القالي) ) في الاخبار والاشعار .
تزوجت اثنتين لفرط جهلي                 بما يشقى به زوج اثنتين *
فقلت أصير بينهما خروفا"                 أنعم بين أكرم نعجتين
فصرت كنعجة تضحي وتمسي            تداول بين أخبث ذئبتين
وألقى في المعيشة كل ضر"               كذاك الضرّ بين الضرتين
لهذي ليلة ولتلك أخرى                     عتاب دائم في الليلتين
    كان قد اغتر بقول سمعه من أحدهم وهو أنه من لم يتزوج بامرأتين لم يذق حلاوة العيش , فقد حسب بأن الزواج من اثنتين أنه سيعيش خروفا" منعما" بين نعجتين , الا أنه صار بعد أن تزوج كالخروف يداول بين أخبث ذئبتين . وهذا ما قاله أبو علي القالي .
     * الامالي , الجزء 2 , صفحة 35 .
43-    أبو فراس الحمداني ( توفي عام 968م ) :-
       هو أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني , ولد في الموصل من أب عربي وأم رومية , وقتل أبوه وهو طفل , فنشأ تحت رعاية أبن  عمه سيف الدولة .. ووقع أبو فراس في أيدي أعدائه الروم وكانت مدة اسره كلها سبع سنين .. واشهر قصائده الروميات .                                                        سمع أبو فراس , هو في الاسر حمامة تنوح فأنشد قائلا" :-
أقول , وقد ناحت بقربي حمامة           أيا جارتا , هل تشعرين بحالي ؟
أيا جارتا , ما أنصف الدهر بيننا            تعالي أقاسمك الهموم , تعالي !
تعالي تري روحا" لديّ ضعيفة            تردّد في جسم يعذب , بال
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة             ولكنّ دمعي , في الحوادث , غال
44-    محمد ابن لنكك ( توفي عام 970م ) :-
       هو محمد بن محمد بن جعفر البصري , أبو الحسن , الصاحب , ابن لنكك . شاعر مجيد . وأكثر شعره في الشكوى من الزمن وفي هجاء الشعراء المعاصرين له. وشعره سهل واضح المعاني متين التراكيب .
يا زمانا" ألبس الاحرار                     ذلا" ومهانــــــــــه
لست عندي بزمان                         انّما أنت زمانـــــــه
كيف نرجو منك خيرا"                    والعلا فيك مهانـــــه
أجنون ما نراه                             منك يبدو أم مجانـــــه
     وقال أيضا" في الزمان وأهله .....
يعيب الناس كلهّم الزمانا,                  وما لزماننا عيب سوانا
نعيب زماننا والعيب فينا ,                 ولو نطق الزمان اذن هجانا !
ذئاب كلنّا في زيّ ناس ,                  فسبحان الذي فيه برانا
يعاف الذئب يأكل لحم ذئب ,             ويأكل بعضنا بعضا" عيانا !
      هذه الابيات توقفت عندها كثيرا" , وقد قيلت قبل اكثر من الف عام , ولكني أجدها حاضرة  في كل زمان , نعيشها جميعا" هذه الايام , وكأنها قيلت توا" . وجدت بان بعض المصادر تشير الى هذه الابيات هي للإمام الشافعي ( رحمه الله ) ..  
45-    الناشئ الصغير ( توفي عام 976م ) :-
       هو علي بن عبد الله بن وصيف , أبو الحسن الحلاّء , المعروف بالناشئ الاصغر: شاعر مجيد من أهل بغداد , كان اماميا" , له قصائد كثيرة في أهل بيت الرسول الكريم . توفي ببغداد , كان في صغره يعمل النحاس ويحليه في صنعه بديعة , فقيل له ( الحلاّء ) , وكان جده ( وصيف ) مملوكا" , وأبوه عبد الله عطارا" .
      وقال الناشئ الصغير , أبو الحسن علي  في بائيته :-
بآل محمد عرف الصواب                 وفي أبياتهم نزل الكتاب *
محبتهم صراط مستقيم                     ولكن في مسالكه عقاب
     * القصائد الخالدات في حب أهل البيت , تأليف محمد عباس الدراجي , النجف /1989.
46-    جعفر المصحفيّ ( توفي عام 982م ) :-
        هو جعفر بن عثمان بن نصر , أبو الحسن الحاجب , المعروف بالمصحفيّ , وزير , أديب , أندلسي , له شعر جيد :-
صبرت على الأيام لما تولت                وألزمت نفسي صبرها ما ستمرت
فواعجبا" للقلب كيف اعترافه               وللنفس بعد العزّ كيف استذلت
وكانت على الأيام نفسي عزيزة             فلما رأت صبري على الذلّ ذلت
فقلت لها : يا نفس موتي كريمة             فقد كانت الدنيا لنا ثمّ ولت 
47-    الخوارزمي ( توفي عام 993م ) :-
       هو محمد بن العباس الخوارزمي , أبو بكر , من أئمة الكتاب , وأحد الشعراء العلماء , كان ثقه في اللغة ومعرفة الانساب , وهو صاحب ( الرسائل ) المعروفة برسائل الخوارزمي , ولد ونشأ في خوارزم , ورحل في صباه الى بعض البلدان. وتوفي بنيسابور . وبينه وبين البديع الهمذاني محاورات وعجائب نقل بعضها ياقوت الحموي في معجم الادباء . ومن فنون شعره , الهجاء والمديح والرثاء :-
أهوى القيامة لا لشيء غير أن                  ألقاك فيها والانام حضور
وأحب فيك الموت علما" أنني                   بعد الموت الى اللقاء نصير
48-    أبا دلف الينبوعي ( توفي عام 1000م ) :-
       هو مسعر بن مهلهل  الخزرجي الينبوعي ، أبو دلف , شاعر رحاله , كثير الملح , تجاوز التسعين من عمره متنقلا" في البلاد , وكان يتردد الى الصاحب ابن عباد فيرتزق منه ويتزود من كتبه في أشعاره :-
أطيب الطيبات قتل الاعادي                    واختيال على متون الجياد
ورسول يأتي بوعد حبيب                       وحبيب يأتي بلا ميعاد
49-    بديع الزمان الهمذاني ( توفي عام 1008م) :-
       هو أحمد بن الحسين بن يحيى الهمداني , ابو الفضل : أحد أئمة الكتاب , ولد في همدان . أما وفاته في هراة مسموما" , ويذكر أن أكثر مقاماته ارتجال . وأخذ الحريري أسلوب مقاماته كما سنرى لاحقا". وهذه الابيات التي سنذكرها , هي لبشر بن عوانة العبدي , وهو أسم أخترعه الهمذاني , لشاعر وضع قصة خلاصتها : أنه عرض له أسد , وهو ذاهب يبغي مهرا" لأبتة عم له , وحسب طلب عمه الف ناقة حمراء من خزاعة وأن يسلك بشر طريق بينه وبين خزاعة كان فيه اسد يسمى داذا . فثبت للأسد وقتله , وخاطب أختا" له سماها البديع ( فاطمة ) بقصيدة هي أروع ما قيل في موضوعها . والقصيدة هذه موجودة في مقامات البديع ( المقامة البشرية ).
أفاطم لو شهدت ببطن خبت *              وقد لاقى الهزبر* أخاك بشرا *
اذا" لرأيت ليثا" زار ليثا"                  هزبرا" أغلبا" لاقى هزبرا
تبهنس * ثمّ أحجم عنه مهري              محاذرة" , فقلت : عقرت مهرا
أنسل قدميّ ظهر الارض اني             رأيت الارض أثبت منك ظهرا
وقلبي مثل قلبك ليس يخشى                  مصاولة" , فكيف يخاف ذعرا
وأنت تروم للأشبال قوتا"                     وأطلب لابنة الاعمام مهرا"
نصحتك فالتمس ياليث غيري                طعاما" انّ لحمي كان مرّا
   * الخبت : المطمئن .      * الهزبرا : هو الاسد غليظ الضخم والشديد الصلب وهو لقب من القاب الاسد.      * مقامات بديع الزمان الهمذاني ,ص/250,المقامه البشرية                       * تبهنس : تبختر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق